القدرُ ليسَ حجَّةً لأهلِ الذنوبِ
__________
(1) - وَيُقَالُ لَهُمْ
: كُلُوا يَا أَيُّهَا الأَبْرَارُ مِنْ ثِمَارِ هَذِهِ الجَنَّةِ
هَنِيئاً ، وَاشْرَبُوا مِنْ خَمْرِهَا وَمِيَاهِهَا مَريئاً ، لاَ
تَغَصُّونَ بِهِ ، وَلاَ تَتَأَذَّوْنَ ، وَذَلِكَ جَزَاءٌ مِنَ اللهِ
لَكُمْ ، وَثَوَابٌ عَلَى مَا عَمِلْتُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ
صَالِحِ الأَعْمَالِ ، وَكَرِيمِ الطَّاعَاتِ الخَالِصَةِ لِوَجْهِ اللهِ
تَعَالَى .
(2) - فَمَنْ عَمِلَ عَمَلَ خَيْرٍ فَإِنَّهُ سَيَجِدُ
ثَوَابَهُ مَهْمَا كَانَ حَقِيراً ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِي وَزْنِ
الذَّرَّةِ . وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لا تَحْقِرَنَّ
مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئاً وَلَو أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ
المُسْتَسقِي " وَقَالَ أَيْضاً : " اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ
تَمْرَةٍ " ( أَخْرَجَهُمَا البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ ) .وَمَنْ عَمِلَ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ سُوءٍ فَإنَّهُ وَاجِدٌ جَزَاءَهُ عِنْدَ رَبِّهِ
فِي ذَلِكَ اليَوْمِ .
(3) - وَيَنْدُبُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ
إلَى القِيَامِ بِالأَعْمِالِ الصَّالِحَةِ ، وَإلى المُسَارَعَةِ فِي
فِعْلِ الخَيْرَاتِ ، لِيَنَالُوا مَغْفِرَةَ اللهِ وَرِضْوَانَهُ ،
وَجَنَّتَهُ الوَاسِعَةَ العَرِيضَةَ التِي أَعَدَّهَا اللهُ لِعِبَادِهِ
المُتَّقِينَ ، الذِينَ يَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُ .
يَذْكُرُ اللهُ
تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ صِفَاتِ أهْلِ الجَنَّةِ فَيَقُولُ :
إِنَّهُمُ الذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ مَرْضَاةِ اللهِ ،
فِي الرَّخَاءِ ( السَّرَاءِ ) ، وَفِي الشِّدَّةِ ( الضَرَّاءِ ) ، وَفِي
الصِّحَّةِ وَالمَرَضِ ، وَفِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ ، لاَ يَشْغَلُهُمْ
أَمْرٌ عَنْ طَاعَةِ اللهِ ، وَالإِنْفَاقِ فِي سَبيلِ مَرْضَاتِهِ ،
وَإِنَّهُمْ يَكْتُمُونَ غَيْظَهُمْ إذَا ثَارَ ، وَيَعْفُونَ عَمَّنْ
أَسَاءَ إِلَيهِمْ . وَاللهُ يُحِبُّ الذِينَ يَتَفَضَّلُونَ عَلَى
عِبَادِهِ البَائِسِينَ ، وَيُوَاسُونَهُمْ شُكْراً للهِ عَلَى جَزِيلِ
نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ . ( وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "
مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِنْفَاذِهِ مَلأَ اللهُ
جَوْفَهُ أَمْناً وَإِيمَاناً " ) .
وَمِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الجَنَّةِ
أَنَّهُمْ إذَا صَدَرَ عَنْهُمْ فِعْلَ قَبيحٌ يَتَعَدَّى أثرُهُ إلَى
غَيْرِهِمْ ( كَغَيبَةِ إِنْسَانٍ ) ، أَو صَدَرَ عَنْهُمْ ذَنْبٌ يَكُونُ
مُقْتَصِراً عَلَيْهِمْ ( كَشُرْبِ خَمْرٍ وَنَحْوَهُ ) ، ذَكَرُوا اللهَ
تَعَالَى وَوَعِيدَهُ ، وَعَظَمَتَهُ وَجَلاَلَهُ ، فَرَجَعُوا إلَى اللهِ
تَائِبِينَ ، طَالِبِينَ مَغْفِرَتَهُ ، وَلَمْ يُقِيمُوا عَلى القَبِيحِ
مِنْ غَيْرِ اسْتِغْفَارٍ ، لِعِلْمِهِمْ أنَّ اللهَ هُوَ الذِي يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعاً ، وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى الذَّنْبِ ، لأَنَّهُمْ
يَعْلَمُونَ أنَّ مَنْ تَابَ إلَى اللهِ ، تَابَ اللهُ عَلَيهِ ، وَغَفَرَ
لَهُ .
وَالمُتَّقُونَ المُتَمَتِّعُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ
سَيَجْزِيهِمْ رَبُّهُمْ عَلَيهَا بِالمَغْفِرَةِ ، وَبِالأَمْرِ مِنَ
العِقَابِ ، وَلَهُمْ ثَوَابٌ عَظِيمٌ فِي جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ ، وَهُمْ مُخَلَّدُونَ فِيهَا أَبَداً ، وَالجَنَّةُ خَيْرُ
مَا يُكَافَأُ بِهِ المُؤْمِنُونَ العَامِلُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ
الصَّالِحَاتِ .
__________
(1) - وَيُقَالُ لَهُمْ
: كُلُوا يَا أَيُّهَا الأَبْرَارُ مِنْ ثِمَارِ هَذِهِ الجَنَّةِ
هَنِيئاً ، وَاشْرَبُوا مِنْ خَمْرِهَا وَمِيَاهِهَا مَريئاً ، لاَ
تَغَصُّونَ بِهِ ، وَلاَ تَتَأَذَّوْنَ ، وَذَلِكَ جَزَاءٌ مِنَ اللهِ
لَكُمْ ، وَثَوَابٌ عَلَى مَا عَمِلْتُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ
صَالِحِ الأَعْمَالِ ، وَكَرِيمِ الطَّاعَاتِ الخَالِصَةِ لِوَجْهِ اللهِ
تَعَالَى .
(2) - فَمَنْ عَمِلَ عَمَلَ خَيْرٍ فَإِنَّهُ سَيَجِدُ
ثَوَابَهُ مَهْمَا كَانَ حَقِيراً ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِي وَزْنِ
الذَّرَّةِ . وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لا تَحْقِرَنَّ
مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئاً وَلَو أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ
المُسْتَسقِي " وَقَالَ أَيْضاً : " اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ
تَمْرَةٍ " ( أَخْرَجَهُمَا البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ ) .وَمَنْ عَمِلَ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ سُوءٍ فَإنَّهُ وَاجِدٌ جَزَاءَهُ عِنْدَ رَبِّهِ
فِي ذَلِكَ اليَوْمِ .
(3) - وَيَنْدُبُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ
إلَى القِيَامِ بِالأَعْمِالِ الصَّالِحَةِ ، وَإلى المُسَارَعَةِ فِي
فِعْلِ الخَيْرَاتِ ، لِيَنَالُوا مَغْفِرَةَ اللهِ وَرِضْوَانَهُ ،
وَجَنَّتَهُ الوَاسِعَةَ العَرِيضَةَ التِي أَعَدَّهَا اللهُ لِعِبَادِهِ
المُتَّقِينَ ، الذِينَ يَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُ .
يَذْكُرُ اللهُ
تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ صِفَاتِ أهْلِ الجَنَّةِ فَيَقُولُ :
إِنَّهُمُ الذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ مَرْضَاةِ اللهِ ،
فِي الرَّخَاءِ ( السَّرَاءِ ) ، وَفِي الشِّدَّةِ ( الضَرَّاءِ ) ، وَفِي
الصِّحَّةِ وَالمَرَضِ ، وَفِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ ، لاَ يَشْغَلُهُمْ
أَمْرٌ عَنْ طَاعَةِ اللهِ ، وَالإِنْفَاقِ فِي سَبيلِ مَرْضَاتِهِ ،
وَإِنَّهُمْ يَكْتُمُونَ غَيْظَهُمْ إذَا ثَارَ ، وَيَعْفُونَ عَمَّنْ
أَسَاءَ إِلَيهِمْ . وَاللهُ يُحِبُّ الذِينَ يَتَفَضَّلُونَ عَلَى
عِبَادِهِ البَائِسِينَ ، وَيُوَاسُونَهُمْ شُكْراً للهِ عَلَى جَزِيلِ
نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ . ( وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "
مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِنْفَاذِهِ مَلأَ اللهُ
جَوْفَهُ أَمْناً وَإِيمَاناً " ) .
وَمِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الجَنَّةِ
أَنَّهُمْ إذَا صَدَرَ عَنْهُمْ فِعْلَ قَبيحٌ يَتَعَدَّى أثرُهُ إلَى
غَيْرِهِمْ ( كَغَيبَةِ إِنْسَانٍ ) ، أَو صَدَرَ عَنْهُمْ ذَنْبٌ يَكُونُ
مُقْتَصِراً عَلَيْهِمْ ( كَشُرْبِ خَمْرٍ وَنَحْوَهُ ) ، ذَكَرُوا اللهَ
تَعَالَى وَوَعِيدَهُ ، وَعَظَمَتَهُ وَجَلاَلَهُ ، فَرَجَعُوا إلَى اللهِ
تَائِبِينَ ، طَالِبِينَ مَغْفِرَتَهُ ، وَلَمْ يُقِيمُوا عَلى القَبِيحِ
مِنْ غَيْرِ اسْتِغْفَارٍ ، لِعِلْمِهِمْ أنَّ اللهَ هُوَ الذِي يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعاً ، وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى الذَّنْبِ ، لأَنَّهُمْ
يَعْلَمُونَ أنَّ مَنْ تَابَ إلَى اللهِ ، تَابَ اللهُ عَلَيهِ ، وَغَفَرَ
لَهُ .
وَالمُتَّقُونَ المُتَمَتِّعُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ
سَيَجْزِيهِمْ رَبُّهُمْ عَلَيهَا بِالمَغْفِرَةِ ، وَبِالأَمْرِ مِنَ
العِقَابِ ، وَلَهُمْ ثَوَابٌ عَظِيمٌ فِي جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ ، وَهُمْ مُخَلَّدُونَ فِيهَا أَبَداً ، وَالجَنَّةُ خَيْرُ
مَا يُكَافَأُ بِهِ المُؤْمِنُونَ العَامِلُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمْ
الصَّالِحَاتِ .